كثيراً ما يتخلى الناس بعد فترة وجيزة عن الالتزام بقرارات يتخذونها عند استقبال عام جديد، وتشير الإحصائيات إلى أن 8% فقط يستطيعون تحقيق الأهداف التي يحددونها مطلع العام. لمواجهة المشكلة في تحقيق التطلعات، لا بد من إدراك السبب وراء الفشل في الالتزام بالكثير من القرارات.
غالباً ما يُنظَر إلى القرارات على أنها قوانين صارمة، كما أن متطلبات الحياة المعاصرة وضغوطاتها غير المتوقعة لا تساعد على الالتزام بها. لذلك، قد يكون من المفيد إعادة النظر بطريقة تحديد القرارات وتطبيقها باستخدام طرق غير تقليدية.
- تحديد أهداف صعبة جداً يضع المرء عادة الأهداف التي يراها معقولة في ضوء تحليله لوقته والموارد المتوفرة لديه. يمكن أن يؤدي الفشل في تحقيق هذه الأهداف إلى الشعور بالخجل والإحباط، وقد ينتهي الأمر بالتخلي عنها كلياً. لكن ماذا لو كانت هذه الأهداف متعذرة أو مستحيلة؟ في هذه الحالة يصبح الفشل أمراً متوقعاً ومقبولاً، وكل ما على المرء فعله بذل الجهد ومواصلة العمل نحو تحقيق الهدف دون الحاجة إلى الضغط أو القسوة على نفسه أو القلق على النتائج أو بلوغ خط النهاية.
- تحديد أهداف سهلة جداً يمكن أيضاً اللجوء إلى وضع أهداف سهلة للغاية بحيث لا يضطر المرء إلى استنزاف طاقته للدفع باتجاه البدء بتحقيقها. فعلى سبيل المثال، يمكن استبدال هدف خسارة 10 كغ من الوزن بالتخطيط لممارسة الرياضة لمدة 15 دقيقة يومياً خلال العام. وحول ذلك، يؤكد د. إياد حسن من معهد التخصصات الطبية الدقيقة في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" أن "ممارسة النشاط البدني بشكل منتظم، حتى وإن كان لمدة 15 دقيقة فقط يومياً، أفضل بكثير من ممارسة الرياضة القوية لمرات قليلة".
- تقسيم الهدف إلى مراحل يستشهد د. حسن بالمثل القديم القائل "الفشل في التخطيط هو التخطيط للفشل"، ويرى أنه من المفيد تقسيم الهدف إلى مراحل حتى يصبح أكثر سهولة. ولذلك، يُنصَح بتحديد أهداف شهرية، على سبيل المثال، عوضاً عن هدف واحد للعام كله، فذلك يتيح تجربة العمل ومراجعة التقدم الذي يتم إحرازه في نهاية كل شهر، وبذلك يصبح من الممكن تقييم مدى ملاءمة الهدف، أو مدى حاجته للتعديل أو حتى استبداله بهدف جديد كلياً.
- تحويل الهدف إلى شعار إذا كان هدف العام الجديد زيادة التركيز على إعادة التدوير، على سبيل المثال، فمن الأفضل وضع شعار "عدم شراء الأطعمة المغلفة بالبلاستيك" بدلاً من محاولة تذكّر الهدف من وقت لآخر. يجب ألا ينظر المرء إلى هذا الشعار كقاعدة، بل عليه تقبله كجزء من شخصيته وهويته، كما عليه تذكره في الظروف التي تتيح تطبيقه، كالتسوق مثلاً. فالمرونة تمنح المرء فرصة للتطور وترسيخ الشعار لديه مع الوقت.
- طلب مساعدة الخبراء يحتاج المرء إلى الكثير من قوة الإرادة ليحافظ على الحافز الذاتي لمواصلة السعي نحو الهدف، وقد يكون من الجيد طلب مساعدة الخبراء لتحقيق النجاح في ذلك. ومن هنا، يُنصَح بالاستعانة بذوي الخبرات عند الرغبة في تعلم العزف على آلة موسيقية أو اتباع نظام غذائي صحي، كما يُنصح باستشارة الطبيب في حال الرغبة بتعزيز اللياقة ومراجعته بشكل دوري لإجراء الفحوصات والتأكد من أن كل شيء على ما يرام.
في مطلع كل عام، نتطلع جميعاً لبدء مرحلة جديدة وتحقيق المزيد من الأمنيات والطموحات خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة، لكن لا بد لنا أن نتقبل أن هناك احتمال لمواجهة العثرات أو حتى الفشل في ذلك، وأنه لا ضير في أن نعيد النظر في مقاربتنا للأمر في أي مرحلة خلال العام وإعطاء أنفسنا فرصة ثانية وثالثة ورابعة للبدء من جديد بالطريقة التي تناسبنا.