مُنذُّ عام 2009 تمت المُصادقة على ثلاثة أدوية جديدة تؤخذ عن طريق الفم لمُعالجة التصلُب العصبي المتعدد الانتكاسي، وهي:
- فينغوليمود، المُسوق تجاريا باسم غيلينيا في سنة 2010.
- تريفلونوميد المُسوق تجاريا باسم أوباغيو في سنة 2012.
- ديميثيل فومارات المُسوق تجاريا باسم تكفيديرا في سنة 2013.
وتمت المصادقة على هذه الأدوية الثلاثة لعلاج التصلب العصبي المتعدد الانتكاسي، إذ تعمل جميعها على تقليل مُعدّل الانتكاس والحدّ من تكوّن التشوهات الجديدة أو الحد من تعزيز ما هوَّ موجود منها أصلًا حسب ما يظهر على صور الرنين المُغناطيسي، فضلًا عن أنها قد تُبطئ من تقدُم التصلّب العصبي. ولا ترتبط أيٍّ من هذه الأدوية مع الأدوية القديمة التي يُحقن بها المريض لعلاج التصلّب العصبي المُتعدد. وتختلف هذه الأدوية عن بعضها البعض من ناحية تأثيرها وفاعليتها على التصلُب المُتعدد لدى المرض.
وتُعد المُصادقة على استخدام جميع هذه الأدوية خيارًا أوليًا في مُعالجة التصلب العصبي الانتكاسي، إلا أنه ليست هُنالِك دراسة تتناول تأثير استخدام هذه الأدوية على المدى الطويل نظرًا لحداثة دخولها إلى سوق الدواء. وتشترط العديد من خُطط التأمين الصّحي اختبار دواء واحد أو اثنين من العقاقير القابلة للحقن قبل الشروع في استخدام الأدوية الّتي تؤخذ عن طريق الفم. فالخيار العلاجي الأولي الذي عادةً ما يُلجُا إليه يتلخص في استخدام دواء عادي قابل للحقن إّل إذا كانت هُنالِك أسباب مُعينة تستوجب البدء بأحد الأدوية الّتي تؤخذ عن طريق الفم. ولكُلٍّ من هذه الأدوية تأثير وفاعلية علاجية ومجموعة آثارٍ جانبيّة ونُظم مراقبة لأغراض المُتابعة.
فينغوليمود أو غيلنيا
يعمل دواء فينغوليمود أو غيلنيا على غلق مخرج الخلايا اللمفيّة عن العُقد اللمفاوية، وتُشير الخلايا اللمفية إلى الخلايا المناعيّة التي يُكوّنها الجسم والتي يُمكن أن تؤدي إلى تلف الدماغ والحبل الشوكيّ لدى مريض التصلّب العصبي المُتعدد.
ويؤخذ دواء غيلنيا على شكل حبّة بجرعة 0.5 ملغم مرّة واحدة في اليوم كُجرعةٍ عادية. وحسب الدراسات البحثية لا يؤدي أخذ هذا الدواء بجُرعاتٍ أكثر مما سبق ذكره إلى تحقيق فائدة أكبر. ويُعد دواء فينغوليمود آمنًا بشكلٍ عام ويُمكن تحمله من قِبل المريض، ومع ذلك هُنالك احترازات لتحقيق سلامة المريض من اللازم تقييمها قبل وبعد البدأ بأخذ الدواء، منها ما يلي:
- تباطؤ مُعدل نبضات القلب: يتباطأ معدل نبضات القلب بشكلٍ مُنتظم عَقِب أخذ الجرعة الأولى من دواء غيلنيا، ونادرًا ما تحدث مشاكل أكثر خطورة في نظم القلب. وعادةً لا تؤدي هذه التغيّيرات إلى ظهور الأعراض، وقد تستمر لمدة تُقدر ما بين 4-5 ساعات كحدٍ أقصى من بعد أخذ الجرعة الأولى، ثمّ يعود معدل نبض القلب إلى حالته الطبيعيّة خلال فترة الأسبوعين الأوليين. ونادرًا ما تظهر على المريض الأعراض، والتي منها الشُّعور بالدُّوار أو الدوخة أو الخفقان أو ألم في الصدر، أو نتائج غير طبيعيّة تظهر على صور التخطيط الكهربائي للقلب فتُثير مخاوف إضافية وقد تستلزم التدخّل الطبيّ. وقد لا يكون المريض الذي يُعاني من مشاكل في نُظم القلب أو كان التخطيط الكهربائي لقلبه غير طبيعيّ أو مشاكل قلبية خطيرة مؤهلًا لتلقي هذا الدواء. كما أن من اللازم مُراقبة المريض في عيادة الطبيب ترقُبًا لظهور علامات وأعراض تباطؤ أذيني بُطيني أو بُطء مُعدل نبضات القلب لمُدة ست ساعات بعد أخذ الجرعة الأولى من الدواء. ومن اللازم وضع المريض تحت المُراقبة إذا انقطع عن دواء غيلنيا لمُدة اسبوعين ثُمَّ عاوَّد أخذه.
- وذمة (استسقاء) البقعة الصفراء: نادرًا ما يُصاب المريض الّذي يتعالج بدواء غيلنيا بوذمة البقعة الصفراء، وهي تورّم الأنسجة الّواقعة في الجزء الخلفي من العين مما يؤدي إلى تشوّش الرؤية. وعادة ما تتطوّر هذه الحالة في غضون 3-6 أشهر بعد الشروع في أخذ غيلنيا، وتتحسّن أو تزول بعد الانقطاع عن الدواء. ويزداد خطر التعرُض لوذمة البُقعة الصفراء لدى المريض الذي يُعاني من السُكري والتهاب القزحية. وينبغي أن يخضع المريض لفحص العين قبل أخذ غيلنيا، ثم تكرار الفحص كُل فترة 3-4 شهر بعد ذلك. كما ينبغي توجيه المريض بوجوب إبلاغ الفريق الطبي المعني برعايته في حال لاحظ تشوش الرؤية لديه بعد أخذ غيلنيا.
- اعتلال الكبد: نادرًا ما يؤدي دواء غيلنيا إلى زيادة إنزيمات الكبد، إلا أن هذه الزيادة عادةً ما تكون متوسطة وقابلة للإصلاح. وقد يكون مِن الضروريّ مُراقبة نتائج اختبارات الكبد بعد أن يبدأ المريض بأخذ الفينغوليمود.
- ارتفاع ضغط الدم: عادةً ما يرتفع ضغط الدم بصورة خفيفة خلال فترة الستة أشهر الأولى من التعالج بحبّة الغيلنيا ثم يستقر مستواه فيما بعد. لذا ينبغي مراقبة المريض الّذي يُعاني من ارتفاع في ضغط الدم خلال فتره أخذه هذا الدواء، كما تُجرى تعدّيلاتٍ على دواءه المُضاد لارتفاع ضغط الدم عند الضرورة.
- الإصابة بالالتهابات: يُعتبر دواء غيلنيا من العقاقير الفعالة إذ إنه يعمل على تغيير طبيعة التركيب المناعي وتقليل عدد الخلايا اللمفيّة في الدم. لِذا هُنالِك بعض المخاوف حول الإصابة بالالتهابات عند أخذه، علمًا أنه لم تَتوصل التجارب البحثية إلى الكشف عن حالاتٍ التهابٍ خطيرة كمُضاعفات متكررة متزامنة مع أخذه. رغم ذلك ينبغي أخذ غيلنيا بحيطةٍ وحذر وخاصة من قبل المريض الذي يعاني من التهابات متكررة أو مزمنة، إذ قد يزيد هذا الدواء من خطر الإصابة بأمراض فيروسية مثل جدري الماء (الحُماق) ومرض القوباء. وينبغي على المريض الذي تعوزه المناعة ضد هذا الفيروس أن يتلقى التلقيح المُحصن ضدّ جدري الماء.
- الآثار الجانبيّة الأخرى: قد يُعاني المريض في بعض الأحيان من السُعال أو ضيقٍ في التنفس، وتتطلب الحالتين التقييم الصحي للمريض. وتشمل الآثار الجانبية النادرة الأخرى الشعور بالصُداع والإسهال وآلامٍ في الظهر وإصابة أوعية الدّم بالاضطرابات.
تريفلونوميد أو أوباغيو
تم اعتماد دواء تريفلونوميد في عام 2012 مُعالجة انتكاسات التصلُب العصبي المتعدد. ويُتاح هذا الدواء على شكل حبة واحِدة في اليوم تؤخذ عن طريق الفم وتكون إمّا بجُرعة 7 ملغم و 14 ملغم. ويفيد تريفلونوميد في تقليل معدّل الانتكاسات وتكوِّن التشوهات التي تُظهرها صور الرنين المُغناطيسي، كما نتجَ عن زيادة جُرعة الدواء الحد من تقدّم الإعاقة الناجِمة عن المرض.
ولم يتم التوصُل إلى معرفة تأثير وفاعِلية تريفلونوميد بالضبط إّلا أنه قد يُقلل من عدد الخلايا المناعية اللمفيّة النشِطة في الدّماغ والحبل الشوكي. ورّغم أن تريفلونوميد عادة ما يُمكن تحمُله مِن قبل المريض إلا أن له آثار جانبيّة ينبغي أخذها بعين الاعتبار، ومنها ما يلي:
- يُعتبر تريفلونوميد دواءً ماسخًا، أي يُمكن أن يؤدي إلى ظهور تشوهات خَلقية لدى الجنين. لِذا ينبغي نُصح المريض أو المريضة الراغبين في الإنجاب بالعدول عن الحمل خلال فترة أخذ هذا الدواء. إضافة إلى ذلك يظلّ هذا الدواء في جسم المريض لمدّة تصل إلى السنتين بعد التوقف عن أخذه، وبالتالي يتحتم على المريض الراغب في الإنجاب أن يخضع لبرنامج أمده اسبوعين لإزالة الدواء من الجسم.
- كشفت الدراسات البحثية عن إصابة الكبد بالتلف جراء أخذ عقار ليفلونوميد، وهو مُركّب ذا صلة يستخدم لمعالجة التهاب المفاصل الروماتويدي. ورغم أنّه لم تُسَجَل مثل هذه الإصابة عند أخذ دواء تريفلونوميد إّلا أنّه يُنصح بإجراء فحوصات إحترازية لاختبار فاعِلية الكبد الوظيفية قبل وبعد البدء بأخذ تريفلونوميد.
- وتشمل الآثار الجانبيّة الأخرى الّتي قد تتزامن مع أخذ تريفلونوميد: أعراض مُشابهة لتلك الناجِمة عن الإصابة بالإنفلونزا والإسهال والشعور بالغثيان والخدر والتنميل، وكشفت التجارب السريريّة عن إصابة 2% من المرضى باعتلال عصبي، وهو اضطراب وظيفي يُصيب الأعصاب الطرفية، وعادةً ما يُسبب الشعور بالخدر والتنميل في القديمن واليدين.
ديميثيل فومارات أو تكفيديرا
تمت المُصادقة على استخدام عقار ديميثيل فومارات أو تكفيديرا في عام 2013 لمُعالجة التصلب العصبي المتعدد الانتكاسي الذي يعمل أيضًا على تقليل مرات الانتكاس جراء التصلّب العصبي المُتعدد وكذلك يُقلل التشوهات الظاهرة على صور الرنين المُغناطيسي ويحُد من تقدّم وتطور المرض.
ولا تزال فاعِلية وتأثير الدواء غير معروفة غير أنّ بإمكانه تثبيط بعض المسارات مما قد يزيد من الأرجية والالتهاب. ويتلقى المريض ديميثيل فومارات على شكل حبة تؤخذ عن طريق الفم مرتين في اليوم الواحد، وتبلُغ جُرعة الحبة الواحِدة 240 ملغم. ويجدر بالذكر توفِّر عُلبة الدواء الاستهلالية التي تدوم لسبعة أيام، وتكون جُرعة الحبة الواحدة منها 120 ملغم، ويُنصح بأخذها لتعزيز تحمُل جسم المريض للدواء، ويُمكن تقبُل هذا الدواء أكثر مع الطعام إلا أنه آمِن الاستخدام وبالإمكان تحمّله عمومًا، غير أنه قد يُقلل عدد الخلايا اللمفيّة. لذلك يُنصح بإجراء حساب خلايا الدم قبل أخذ الدواء وبعد أخذه ببضعة أشهُر لأجل المُراقبة، ويُمكن أن يُؤدي ديميثيل فومارات إلى الآثار الجانبيّة الرئيسية التالية:
- احمرار البشرة: عادة ما يُعاني المريض من احمرار البشرة بعد أخذ ديميثيل فومارات بمُدة 30 دقيقة أو عِدة ساعات إلا أن ذلك نادرًا. كما ذكرت الدراسات احمرار البشرة والحكّة أيضًا في بعض الأحيان، وتوصلت تجربة دراسة مُقارِنة في أستخُدم فيها عِقارٍ وهمي على الدواء الفعلي أن بإمكان الأسبيرين تقليل الاحمرار بشكلٍ ملحوظ.
- اختلال الجهاز الهضميّ: قد تظهر أيضا أعراض تدُل على اختلال الجهاز العصبي، منها الإسهال والشعور بالغثيان والتقييؤ وألمٍ في البطن،وتشيع هذه الأعراض بصورة كبيرة في الأسابيع الأولى من أخذ ديميثيل فومارات، وعادة ما تقلّ بشكلٍ ملحوظ خلال شهرٍ بعد العلاج. ويُمكن اللجوء إلى علاج المريض استنادًا إلى أعراضه عندما تستدعي الحاجة، مثل العلاج بحاصرات الهيستامين ومثبطات مضخة البروتونات وميتوكلوبراميد وبيسموث وسوبساليسيليت ولوبيراميد حسب الأعراض التي يُعاني منها الجهاز الهضمي.ورغم أن ديميثيل فومارات من الأدوية الفعالة في تغيير طبيعة التركيب المناعي وتقليل عدد خلايا الدم اللمفاويّة لم يُلاحظ أثناء التجارب السريريّة زيادة الإصابة بالالتهابات العادية أو تلك التي تنتهز الضعف المناعي في الجسم. ومع ذلك صدرت تقارير تفيد باعتلال بيضاء الدماغ متعدد البؤر التقدمي تزامُنُا مع استخدام مُستحضر حمض الفوماريك المُتداول تجاريّا كمُستحضر فوماديرم المُتوفّر في ألمانيا.
ولمزيدٍ من المعلومات الدقيقة حول جميع هذه الأدوية يُرجى تصفُح المواقع الإلكترونيّة التالية:
فينغوليمود أو غيلنيا www.gilenya.com
تريفلونوميد أو أوباغيو www.aubagio.com
ديميثيل فومارات أو تكفيديرا www.tecfidera.com
حقوق الطبع والنشر 2017 كليفلاند كلينك أبوظبي. الحقوق محفوظة.
هذه المعلومات مقدمة من كليفلاند كلينك أبوظبي، التابعة لمبادلة للرعاية الصحية، ولا يُقصد منها أن تحل محل المشورة الطبية المقدمة من طبيبك أو مقدم الرعاية الصحية. يرجى استشارة مقدم الرعاية الصحية الخاص بك للحصول على المشورة بشأن أي حالة طبية خاصة.