أصبح مواطن إماراتي يبلغ من العمر 61 عاماً أول مريض في أبوظبي يستفيد من علاج جديد يساعد على تخفيف حدة الأعراض الشديدة التي يسببها مرض باركنسون في مراحله المتأخرة، ما مكّنه من استعادة حياته وتحسين قدرته على الحركة.
يعاني عادةً المرضى المصابون بمرض باركنسون من انخفاض أو هبوط مستويات الناقل العصبي (الدوبامين)، والذي يلعب دوراً مهماً في وظائف الحركة وتنسيقها. وقد زاد عدد المرضى المصابين بداء باركنسون بأكثر من الضعف خلال الـ 25 عاماً الماضية، حيث يعاني منه حوالي 10 ملايين شخص في جميع أنحاء العالم1. ويتابع كليفلاند كلينك أبوظبي حالة أكثر من 500 مريض منهم في المنطقة.
وعلى الرغم من عدم وجود علاج جذري لهذا المرض حتى الآن، فإن العلاج الجديد الذي يوفره مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، أحد مرافق شبكة مبادلة للرعاية الصحية، والذي يتضمن تركيبة هلامية تسمى دودوبا - Duodopa®، يساعد على زيادة مستويات الدوبامين في الجسم من خلال امتصاصها سريعاً في الأمعاء الدقيقة.
ويأتي توفير العلاج الجديد في إطار الجهود الحثيثة التي يبذلها مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي لتوسيع خيارات العلاج لمرضى باركنسون في مراحله المتأخرة. وكان كليفلاند كلينك أبوظبي قد أصبح أيضاً - في وقت سابق من هذا العام - أول مستشفى على مستوى الدولة يقدم علاج التحفيز العميق للدماغ (DBS)، حيث يتم زرع أقطاب كهربائية في مناطق محددة من الدماغ لحجب الإشارات الشاذة التي تسبب مشاكل حركية لدى المصابين بداء باركنسون مثل الرعشات وغيرها.
ويتمثل العلاج المبتكر في ضخ تركيبة هلامية معوية مباشرة في الأمعاء الدقيقة على مدار 16 ساعة بواسطة مضخة محمولة. في حالة استجابة المريض للعلاج، يمكنه التوقف عن تناول الدواء عن طريق الفم، وبدلاً من ذلك، يتم ضخ جرعة تركيبة الدوبامين إلى الدماغ بشكل متواصل خلال اليوم. ويساعد هذا الدواء في تحقيق انخفاض ملحوظ في الأعراض التي يعاني منها المرضى مثل تصلب العضلات وبطء الحركة والرعشة.
وقد بدأت أعراض مرض باركنسون في الظهور على المريض في عام 2007. وتضمنت خطة رعايته في المراحل الأولى من المرض، برنامجاً مكوناً من جلسات للعلاج الطبيعي ودواء يتناوله أربع مرات في اليوم للتحكم بالتقلبات الحركية. ولكن مع تقدم المرض، أصبح عدد فترات "الانتكاس"، والتي يتلاشى فيها تأثير العلاج ولا يمكن السيطرة على الأعراض بشكل فعال، أكثر تقلباً وتكراراً.
ويقول أحد أبناء المريض، والذي فضّل عدم الكشف عن اسمه: "لقد أثر المرض بشكل سلبي على قدرة والدي على قيادة السيارة أو المشي أو الجلوس دون مساعدة. وقد حرصنا في العائلة على الوقوف إلى جانبه وتقديم الدعم له، لكنه كان يشعر وكأن أيام حياته قد توقفت".
ويضيف: "ذهبنا إلى عدة مستشفيات بحثاً عن علاج يساعده على استعادة قدرته على الحركة بشكل مستقل، لكن لم نحصل على خدمات الرعاية التي نطمح إليها. ومن ثم قررنا بناءً على توصية الأصدقاء استشارة الأطباء في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي. وفي الحقيقة تبين أن هذا القرار هو الأفضل لحياة والدي."
وقال الدكتور شيفام أوم ميتال، طبيب استشاري في معهد الأعصاب في كليفلاند كلينك أبوظبي، ورئيس قسم مرض باركنسون واضطرابات الحركة: "بينما يمكن لمعظم مرضى باركنسون في مراحله الأولى السيطرة على أعراض المرض من خلال الالتزام بالأدوية المناسبة والتمارين الرياضية التي يحددها الأخصائي، يحتاج أولئك الذين يصابون بتقلبات حركية أو يحتاجون إلى تناول الأدوية بشكل متكرر في المراحل المتأخرة يمكن أن يستفيدوا من توافر خيار هذا العلاج المتقدم."
ولفت الدكتور أوم ميتال إلى أن الخطة العلاجية لمرض باركنسون يتم تحديدها بناءً على حالة كل مريض، "حيث نقوم في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي بإجراء تحليل شامل للمريض حتى نتمكن من تحديد خطة الرعاية المناسبة لحالته، والتي تتراوح من الأدوية عن طريق الفم والعلاج الطبيعي إلى التحفيز العميق للدماغ وصولاً إلى العلاج بالمضخة، مما يضمن حصول المريض على أفضل النتائج."
وأضاف: "يُعد العلاج بالمضخة خياراً مناسباً للمرضى الذين لا يمكن إحالتهم لتلقي العلاج بالتحفيز العميق للدماغ نتيجة وجود عوامل قد تمنع إجراء جراحة في الدماغ مثل مشاكل التوازن، أو معاناة المريض من القلق أو الاكتئاب، أو مشاكل إدراكية أخرى. وبالنسبة لهؤلاء، فإن هذه التركيبة الهلامية التي تُعطى مباشرة في الأمعاء تؤدي إلى تسريع عملية الامتصاص وبالتالي تحقيق نتائج أفضل مقارنة بالأدوية التي يتم تناولها عن طريق الفم".
في البداية يتم إعطاء المرضى الذين تتناسب حالتهم مع هذا النوع من العلاج، الدواء بواسطة أنبوب أنفي معِدي مؤقت لمدة 24 إلى 48 ساعة. وفي حال استجابت أجسامهم للعلاج وخفت الأعراض، يتم تزويدهم بمضخة تساعد على التحكم بالدواء طوال اليوم. وتتم هذه العملية بواسطة المنظار تتضمن إجراء شق صغير في المعدة يتم من خلاله إدخال أنبوب تغذية عبر المعدة إلى الأمعاء الدقيقة.
ويرتدي المريض مضخة بحجم الكف تعمل بالبطارية ومتصلة بهذا الأنبوب بطريقة تشابه ارتداء الحزام حول البطن أو الرقبة، وذلك لمواصلة ضخ الدواء. وتحوي العلبة الموجودة في المضخة الجرعة الموصوفة من قبل الطبيب ومعدل الدواء لمدة 16 ساعة، ويجب تغييرها كل يوم.
وأوضح الدكتور أوم ميتال أن هذا النوع من العلاج يلغي حاجة المريض لتناول الأدوية عن طريق الفم طوال اليوم ويمنح المريض المزيد من الاستقلالية. وتشمل الفوائد الأخرى للعلاج تحسناً فورياً في الأعراض وتقلبات حركية أقل وذلك بفضل المضخة التي تعمل على استمرارية وضبط تغذية الجسم بجرعات "الدوبامين"، بصورة تشبه تماماً الطريقة التي اعتادت أجسامنا على القيام بها. وعلى المدى الطويل، يتيح ذلك للمرضى ممارسة الأنشطة البدنية التي ندرك أنها تبطئ تطور المرض نفسه.
ومن المقرر أن يتلقى عشرة مرضى آخرون يعانون من مرض باركنسون المتقدم العلاج ذاته في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي هذا العام.
واختتم الدكتور أوم ميتال بالقول: "غالباً ما يفقد المرضى الأمل عندما يتم إخبارهم بأنهم مصابون بمرض باركنسون لأنهم يعتقدون أنهم سيمضون حياتهم طريحي الفراش أو على كرسي متحرك. ولكن الحقيقة هي أن المرضى يمكنهم أن يعيشوا حياة طويلة ومستقلة بشرط زيارة طبيب أعصاب متخصص في اضطرابات الحركة لتقييم مختلف الخيارات العلاجية المتقدمة والمتوفرة الآن."
وأكد ابن المريض أن والده شهد "تحسناً بنسبة 70% في الأعراض التي كان يعاني منها. ونحن سعداء للغاية لرؤيته يقوم بالأشياء بمفرده الآن، ونثمن الجهود التي بذلها فريق الرعاية في كليفلاند كلينك أبوظبي لمساعدة والدنا وإدخال الفرحة لقلوبنا".
لمزيد من المعلومات أو لحجز موعد في كليفلاند كلينك أبوظبي، يرجى الاتصال على الرقم 800 8 CCAD (2223)، أو تفضل بزيارة الموقع الإلكتروني www.clevelandclinicabudhabi.ae أو تنزيل تطبيق الهاتف المحمول الخاص بمستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي.