نجح الأطباء في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"، أحد مرافق مبادلة للرعاية الصحية، مؤخراً في علاج مريض من ورم نادر ينشأ من الجهاز العصبي المحيطي، الذي يتحكم في وظائف الجسم مثل ضغط الدم ومعدل ضربات القلب وحركات الأمعاء، ويصيب نحو اثنين من كل مليون شخص في العالم سنوياً.
وبذلك أصبح بإمكان المريض مبارك المنهالي، الذي يبلغ من العمر 15 عاماً، العودة مجدداً للاستمتاع بكل ما حُرم منه من متع الطفولة خلال سنوات المرض التي كان يعاني منها من هذا الورم الذي يُعرف باسم ورم جنيب العقدة العصبية. ينمو هذا الورم ببطء، ويؤثر على الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و50 عاماً، وتتضمن أعراضه ارتفاع ضغط الدم والتعرق المفرط ونوبات الانفعال والصداع وألم المعدة.
وأوضح د. ياسر أكمل، استشاري جراحة الأورام في معهد أمراض الجهاز الهضمي في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"، وأحد أفراد الفريق الطبي الذي عالج المريض، أن هذا الورم "ينشأ من الخلايا العصبية أو الغدد الكظرية ويفرز هرمونات مثل الأدرنالين، الذي يسبب الغضب وارتفاع ضغط الدم والإجهاد النفسي"، لافتاً إلى أن "إهمال العلاج قد يؤدي إلى حدوث السكتة الدماغية أو النوبات القلبية بسبب إفرازات الأدرنالين الخارجة عن السيطرة".
وقال د. أكمل: "سبق لمبارك أن زار عدة مستشفيات في دولة الإمارات والهند، لكن نظراً لخطورة مكان الورم بالقرب من الشريان التاجي، وهو الشريان الرئيسي الذي يزود الدم لأنحاء الجسم، لم يتمكن الأطباء من علاجه لتخفيف أعراض المرض وإنقاذ حياته".
وأضاف د. أكمل: "كان الورم بقطر ثمانية سنتيمترات وفي موقع عميق خلف المعدة بالقرب من البنكرياس، إضافة إلى أنه لم يكن حميداً بشكل كامل. هذا الورم نادر الحدوث، حتى عند البالغين، وكانت عملية استئصاله واحدة من أصعب العمليات التي أجريناها لاستئصال هذا النوع من الأورام".
استمرت الجراحة المعقدة لست ساعات وتطلبت نهجاً متكاملاً وتعاوناً وثيقاً بين الكوادر من معاهد القلب والأوعية الدموية وأمراض الجهاز الهضمي والتخدير والرعاية الحرجة والتمريض في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"، فقد أثر الورم في سد الأوعية الدموية الرئيسية القادمة من الشريان التاجي لتزويد الدم إلى الكبد والأمعاء الدقيقة، وهو ما اضطر الجسم إلى تشكيل أوعية جانبية وطرق مختلفة للقيام بهذه المهمة، ولولا ذلك لكان الأمر أدى إلى فشل في وظائف الكبد والأمعاء.
كان على الفريق الجراحي توخي الحذر الشديد خلال عملية الاستئصال للحفاظ على هذه الأوعية الجديدة، كما كان عليهم أيضاً تشكيل وعاء جديد لتزويد الدم إلى الكبد أثناء الجراحة. بعد ذلك وُضع المريض تحت المراقبة في وحدة الرعاية المركزة للتأكد من أداء الأوعية الدموية الإضافية لوظيفتها.
وأشار د. أكمل إلى أن "الوصلة التي أوجدت لتوصيل الدم إلى الكبد كانت تعمل بشكل جيد، لكن الدم لم يكن يتدفق إلى المرارة، ولذلك اضطر الأطباء إلى استئصال المرارة مع جزء من البنكرياس، ثم أُعطي المريض المضادات الحيوية والرعاية المناسبة حتى تعافى وأنهى العلاج الإشعاعي بعد الجراحة لتفادي عودة الورم في المكان نفسه.
بعد كل مراحل العلاج التي مر بها، يتطلع مبارك الآن للعودة إلى المدرسة، إذ قال: "أخبرني الأطباء في الكثير من المستشفيات أن عمليتي غير ممكنة. لكن الأطباء في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" منحوني الرعاية والاهتمام وخلصوني من ألمي. سعيد لأنني سأعود للمدرسة واللعب مع رفاقي والاستمتاع بصحبتهم في فترات الاستراحة. أشعر أن صحتي تتحسن يوماً بعد يوم، ورفاقي في انتظاري، حيث أطلعهم على التقدم الذي أحرزه عبر رسائل الواتس أب وآمل أن أكون بينهم قريباً".
من جانبه، قال أحمد المنهالي، والد المريض: "ما من كلمات يمكنها أن تعبر عن شكرنا وامتناننا لكل الأطباء والممرضين في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي. أود لو ألتقط صورة معهم جميعاً لأروي للعالم أجمع كيف نجح هؤلاء الأشخاص العظماء في تخليص ابني من الألم".